أرشيف اليهود العراقيين يعود قريباً إلى بغداد بعد اتفاق اميركي عراقي على استعادتها 13/05/2010 (السومرية نيوز) بغداد - أعلنت وزارة الثقافة العراقية الخميس، عن اتفاق تم بين العراق والولايات المتحدة، يقضي باستعادة أرشيف اليهود العراقيين وملايين الوثائق التي نقلها الجيش الاميركي من بغداد عقب اجتياح العراق عام 2003، من بينها الأرشيف الخاص بحزب البعث المنحل. وقال وكيل وزارة الثقافة العراقية طاهر الحمود في مؤتمر صحافي في مقر الوزارة في بغداد حضرته "السومرية نيوز" "لقد توصلنا الى اتفاق مع واشنطن بعد مفاوضات مع مسؤولين في الخارجية الاميركية والبنتاغون، يقضي باستعادة ارشيف يهود العراق وملايين الوثائق التي نقلها الجيش الاميركي بعد احداث عام 2003"، مؤكداً أن "الارشيف اليهودي يهمنا كثيرا كباقي الوثائق الاخرى، لانه يمثل جزءا من الموروث الثقافي ويسلط الضوء على الحياة الاجتماعية للطائفة اليهودية العراقية". واضاف الحمود ان "الوثائق موزعة الآن بين معهد هوفر والخارجية الاميركية والمركز الوطني الاميركي للارشيف وقد تفاوضنا معهم وخلصنا إلى وضع آلية مستقبلية لاستعادتها"، معرباً عن ثقته بنجاح الاتفاق بالقول "لقد وضعنا اقدامنا على الطريق الذي يؤدي الى استعادة الارشيف اليهودي وملايين الوثائق الاخرى". وكشف وكيل وزارة الثقافة، عن اتفاق وزارته مع الولايات المتحدة خلال الزيارة، على تقديم دعم اميركي لحماية المواقع الاثرية التي يبلغ عددها 12 الف موقع، "بتدريب عناصر الشرطة المكلفة بحماية المواقع الاثرية". ويقوم نحو 1200 شرطي عراقي يقوم بحماية المواقع الاثرية في عموم العراق، إلا أن أعدادهم قليلة قياساً إلى انتشار الآثار في عموم مناطق العراق، الأمر الذي يجعل من سرقة تاريخ العراق ونهبه تجارة رائجة. وكشف الحمود ان "48 الف حاوية تحتوي على ملايين الوثائق والارشيف اليهودي وغيره نقلت الى الولايات المتحدة ". بدوره اكد معاون مدير دائرة المتاحف العراقية محسن حسن علي انه "في الثامن من تشرين اول 2003، تم كشف 27 صندوقا معدنيا وخمس حاويات كارتونية، تضم كتبا بالعبرية ووثائق تمثل ارشيف يهود العراق"، مبيناً أنها كانت "معرضة لتلف كبير وتعفن لان القوات الاميركية التي عثرت عليها في المنطقة الخضراء وجدتها داخل سرداب تابع لجهاز مخابرات النظام السابق، وقد اتلفتها المياه الثقيلة"، على حد قوله. وشدد علي، الذي كان شاهد عيان على العثور على هذه الوثائق، على أن العراق "لم يوافق على اخراجها لصيانتها في الولايات المتحدة، وفضلنا ان تتم صيانتها في العراق"، مستدركاً بالقول "لكن الارشيف نقل بطريقة سرية لم نعرف بها ووجدناه في المركز الوطني الاميركي للارشيف".
بدوره، قال وكيل وزارة الثقافة أن " الارشيف اليهودي وباقي الوثائق الاخرى تم الانتهاء من تجفيفها وايقاف الضرر الذي لحق بها وسنبدأ الشهر المقبل مع الجانب الاميركي بتقييم الوثائق المهمة التي تستحق الترميم وفرزها قبل اعادتها"، مبيناً أن"سبعين بالمئة من الارشيف مؤلف من وثائق باللغة العبرية و25 بالمئة بالعربية و5 بالمئة بلغات اخرى". وتحدث الحمود عن العثور على "كتب دراسية تتحدث عن اسرائيل واليهود في العراق وثلاث رقوق جلدية كتبت عليها التوراة اضافة الى مذكرات لعوائل يهودية وتفاصيل تهم الطائفة اليهودية في العراق". وغادر معظم اليهود العراق بعد قيام دولة اسرائيل العام 1948 إذ غادر 120 الف يهودي اي ما يعادل 96 في المئة منهم، العراق الى ا لدولة العبرية في العام 1951، ومن تبقى منهم رحل بعد الاجتياح الاميركي للبلاد العام 2003. من جهته، تحدث مدير دائرة الوثائق والكتب سعد اسكندر الذي شارك في المؤتمر عن وجود ارشيف خاص بحزب البعث " تم نقله الى الولايات المتحدة إلى جانب الارشيف اليهودي والوثائق". واضاف ان " وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "السي اي أي"، ووزارة الدفاع الاميركية اجرت دراسات عليه في محاولة لتناول علاقة صدام حسين بالقاعدة والارهاب واسلحة الدمار الشامل وانتهاك حقوق الانسان في عهده". واشار الى "قيام شخص يدعى عدنان مكية رافق القوات الاميركية لدى دخولها بغداد ويتمتع بنفوذ لدى البنتاغون، باقناع الاميركيين بنقل الارشيف البعثي الى هناك واودعها في معهد هوفر في كاليفورنيا". ويعمل العراق حالياً على بناء مخازن كبيرة لحفظ الوثائق والارشيف بعد اعادتها والتي سيكتمل بنائها بعد 16 شهرا، وفقا لمدير دائرة الوثائق. وفيما يتعلق بسعي منظمة يهودية للحصول على الارشيف اليهودي العراقي، اكد حمود ان "كل شيء وجدناه في الولايات المتحدة يشير الى مايسمى بـ"ارشيف اليهودي العراقي" وهذا يعكس ملكية العراق"، مبيناً أن"هذه المنظمة قدمت دعما للمركزالاميركي الوطني للارشيف لان القوانين الاميركية لا تسمح بالانفاق على اشياء لا تعود ملكيتها للولايات المتحدة"، على حد قوله. يشار إلى أن العراق يضم عددا كبيرا من مراقد الأنبياء اليهود ومن بينهم مرقد النبي حزقيال في ناحية الكفل، 17 كلم جنوب مدينة الحلة، وقبر عزرا في منطقة العزير في محافظة ميسان، 300 كلم جنوب بغداد، وقبر الشيخ أشا جوان، ومرقد النبي دانيال في بغداد. وتؤكد النصوص الدينية اليهودية أن عددا من الأنبياء اليهود مثل دانيال وحزقيال وأشعيا وأرميا "الذي دعا إلى الاندماج مع المجتمع البابلي لأنه يمثل أكثر المجتمعات تطورا في العالم حينذاك"، عاشوا في منطقة بابل في القرن السادس قبل الميلاد، وتمكنوا من كتابة جزء كبير من أهم الكتب والتعاليم اليهودية في بابل، وهناك عدد كبير من الباحثين الذين يشيرون إلى أن هؤلاء الأنبياء أطلعوا وبشكل عميق على التراث الديني والحضاري العراقي واستعانوا به في كتابة مخطوطاتهم الدينية. ويعتبر اليهود في العراق من أقدم الطوائف اليهودية في العالم بأسره، إذ يرجع تاريخ وجودهم إلى عهد الإمبراطورية الآشورية الأخيرة 911-612 ق.م، وذلك في أعقاب عدة حملات قام بها الآشوريون على فلسطين وحرروها من اليهود ونقلوا من فيها إلى أماكن جبلية نائية شمال العراق. ولما قضى الكلدانيون البابليون على الآشوريين وأسسوا دولتهم في بابل 612-359 ق.م كان من أهم أعمالهم القضاء على مملكة يهوذا في فلسطين، فسبي يهودها إلى بابل على يدي نبوخذ نصر الثاني الذي حكم بين 605-562 ق.م. ومنذ العهد البابلي والوجود اليهودي في العراق مستمر ومتواصل حتى احتلت الجالية اليهودية العراقية مكانة مرموقة بين سائر ا لجاليات اليهودية الأخرى، إذ أصبحت في عصر التلمود مركزاً لليهودية وموجهاً دينياً وروحانياً ليهود الشتات في العالم كله ولعصور متوالية، وذلك عن طريق مراكزها العلمية الشهيرة في نهر دعه وصورا وبومباديتا، كما نَمَّتْ الطائفة طبقات من رجال العلم والتوراة قاموا بشرح كثير من نقاط وقضايا "المشنا" (الشريعة الشفوية) حتى تجمعت هذه الشروح والتفاسير من جيل إلى جيل مكونة ما يسمى بالتلمود البابلي. |